لم يتخذ المسلمون الهلال شعاراً ورمزاً منذ بداياتهم، وإنما تميزوا بارتداء ورفع الألوان كالأسود والأخضر، وبشعار النسر الذي اعتمده صلاح الدين الأيوبي والموجود إلى اليوم على علم مصر، إضافة لشعار الصقر الذي اشتهرت به قبيلة قريش.
الهلال
شعار وثني قديم يعود إلى زمن الأكاديين والسومريين، وغالباً ما يرمز إلى إلهة القمر
"سِن" أو "نانا" وترافقه في معظم التصاوير نجمة ترمز إلى "إنانا"
إلهة السماء والحب والحرب أو إلى "شامش" إله الشمس، ويرمز عند الفراعنة إلى قرني
الإله "أبيس" وقد عرفته ديانات عديدة سابقة للإسلام.
دخول الهلال إلى البلاد الإسلامية كرمز وشعار تم
بشكل أساسي(1) عن طريق الأتراك فهو كان منتشراً بين ثقافة قبائل وسط
آسيا. وقد اعتمدته الدولة العثمانية شعاراً منذ تأسيسها مع إضافة النجمة. فالهلال
والنجمة كانا شعاراً بزنطياً مرفوعاً فوق مدينة القسطنطينية عند فتحها، تفاءل به
العثمانيون مع سقوط المدينة وإثر رؤية للسلطان محمد الفاتح، وكان هناك روايات
تذكر أن عثمان الأول مؤسس العثمانيين شاهد أيضاً رؤية تتضمن هلالاً ونجمة.
شعار الهلال
والنجمة انتشر بشكل واسع في القرن التاسع عشر مع الإصلاحات الحديثة التي قامت بها الدولة
العثمانية. ومع الحرب الروسية العثمانية عام 1877 تم اعتماد شعار الهلال الأحمر
للمسعفين العثمانيين. ومما يشير إلى ارتباط الهلال بالهوية التركية وليس الإسلامية أن أتاتورك
عند توليه الحكم أزال كل الشعارات والرموز والملامح الإسلامية وأبقى الهلال والنجمة على علم الدولة.
إذاً فماذا
كان يضع المسلمون على مآذنهم وقباب مساجدهم قبل هلال الأتراك؟
ندرك من خلال وصف
الرحّالة العرب لمساجد المدن التي مرّوا بها أن مسلمي ذاك الزمان كانوا يضعون أعلى قباب
المساجد ما يدل على اتجاه الريح (2) . وهذا الأمر نفهمه من ما
رُوي عن سيبويه عندما طلب من أحد تلاميذه في المسجد الخروج والنظر إلى الحصان
المعدني أعلى القبة لمعرفة اتجاه الريح، وعندما عاد ووصف له حالها قال قولته
المشهورة "إستذأَبَتْ الريح".
لم يتلقى
المسلمون جميعهم بالقبول والتسليم شعار الهلال رمزاً لدينهم، فبعض التيارات
السلفية تعتبره بدعة فشعار لا إله إلا الله أو محمد رسول الله هو شعار المسلمين مع
اللونين الأخضر أو الأسود. أما الاتجاهات الرافضة الأخرى فترى أن أصل الشعار ماسوني،
أو هو من شعارات عبدة الشيطان كما في بعض رسومهم، أو على الأقل وثني.*
(1) شعار الهلال عرفه المماليك عن طريق مملكة النوبة عندما قدمت لهم الدعم
في القرن الرابع عشر وعلى الأرجح أن علم المماليك الأصفر الذي فيه هلال أبيض كان
بسبب هذا التأثير ورفعوه تكريماً للنوبة. وشعار الهلال كان سائداً من أيام البطالمة في النوبة وليبيا،
وعرفته مدن تونس رمزاً من أيام الفينيقيين.
(2) مثلاً ص 156، كتاب أحسن التقاسيم للمقدسي، في وصف مدينة حمص.
الهلال عند السومريين والبابليين والفراعنة وغيرهم |
الهلال وشعارات الماسونية |
الهلال في رسم لعبدة الشيطان |
الهلال والنجمة عند البابليين |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق