طوني خليفة ونادين لبكي




أعتبر طوني خليفة من أهم مقدمي الشاشة الصغيرة لحضوره القريب من العين والقلب ولذكائه مما جعله يتفوق على كثير من منافسيه. لكن برنامج "للنشر" ينحو أحياناً صوب الفبركة والافتعال من أجل الإثارة المجانية أو ربما لتصفية حسابات شخصية خاصة بطوني أو بغيره، وأتمنى أن أكون مخطئاً في تكهني.

ففي الفقرة التي اتهم فيها نادين لبكي بالسرقة أو الاقتباس من فيلم هندي وآخر كردي، فهي إما صيغت بسوء نية أو بسوء تحضير وتقدير. فالأمثلة من دعايات وفيديو كليبات كان التقرير موفقاً بها، لكن هذا التوفيق لم نلمسه في الكلام عن فيلم نادين لبكي "وهلاء لوين" بل العكس تماماً، مما قضى على مصداقية الفقرة ونواياها.

كل ما ورد قبل الكلام على فيلم نادين كان "الاقتباس" فيه كامل وواضح. أي أن الدعايات والفيديو كليبات كانوا مقتبسي الفكرة حتى حد السرقة في أسلوب التصوير والتنفيذ. أما فيلم نادين فالوضع مختلف، فالفيلم ليس مقتبساً بكامله فكرة وأسلوباً من فيلم واحد أو مصدر واحد، وإنما نَسَبَ معدو الفقرة كل مشهد إلى مصدر مختلف. وهذا الأسلوب تستطيع أن تطبقه على أي فيلم في العالم، بل على أي مبدع في أي مجال في العالم. فإن قرأت محمود درويش فإنك ستشعر في قصائده بوجود الشعراء بابلو نيرودا أو غارسيا لوركا، المتنبي وبعض الشعراء الفرنسيين. لكن هذا لا يعني أن درويش يقتبس أو يقلّد، ولا يعني أبداً بأنه سارق وبالتالي لا يقلل أبداً من مكانته الشعرية. فكلّ مبدع هو نتيجة تجارب سابقة ومبدعين سابقين، عرف كيف يصوغهم من خلال ابداعه الشخصي وتجربته الإنسانية الخاصة. وهذا الكلام ينطبق على الرحابنة وعبد الوهاب في الموسيقى، وعلى يوسف شاهين وصلاح أبوسيف في السينما، وعلى نجيب محفوظ وإلياس خوري في الرواية وغيرهم كثير. فأنا إن أردت أن أستخدم أسلوب طوني خليفة في هذا التقرير، كنت سأجد في كل لقطة من فيلم نادين لبكي تشابه أو اقتباس، وهذا يطبق أيضاً ليس في فيلم نادين بل في أي فيلم ينتج في العالم.

لنأخذ فيلم "المدرعة بوتمكن" (1925) للمخرج الروسي سيرغي آيزنشتاين. وفيه المشهد الشهير مذبحة الأوديسا. هذا المشهد اقتبسه كبار سينمائي العالم ووضعوه في أفلامهم ومنهم فرانسيس كوبولا، وودي ألن، برايان دي بالما، تيري غيليام وغيرهم. وكان دي بالما هو الأكثر وضوحاً في الاقتباس في فيلم The Untouchables وإذا شاهدت الفيلم فإنك سترفع قبعتك عالياً لدي بالما ولن تتوقف عند مسألة الاقتباس الواضحة. وهذا ما ستفعله لنادين لبكي إن كانت اقتبست مشهدها من الفيلم الهندي، فبالمقارنة ترى أن لبكي عرفت كيف تقتبس وتوظف الاقتباس برؤية جديدة وما عليك سوى أن تقول "برافو نادين". 


ليست هناك تعليقات: