الخميس، 14 أبريل 2011

النشيد الوطني اللبناني..لبناني




النشيد الوطني اللبناني هو نشيد لبناني مئة في المئة بعكس ما أثاره السيد غسان الرحباني في حديثه لقناة الجديد إذ شكّك لا وبل أكّد أن هذا النشيد ليس أصيلاً في لبنانيته وبأنه النشيد الرسمي لجمهورية الريف المغربية التي تأسست في 18 سبتمبر عام 1921. واستند في إدعائه هذا على مقطع لنشيد مأخوذ من فيلم وثائقي عن المعارض الإشتراكي المغربي مهدي بن بركة ! (لا أدري هنا ما وجه الصلة) واستند أيضاً على تاريخ كتابة قصيدة نشيد بطل الريف للشاعر الراحل إبراهيم طوقان، واعتمد تاريخ كتابة القصيدة على أنه تاريخ تأليف النشيد المزعوم لجمهورية الريف، وهو بذلك وقع في أولى مغالطاته ضمن مغالطات عديدة وكبيرة أهمها:

1- لا يوجد مصدر أو مرجع واحد مما وقعت يدي عليه في اللغة العربية أو الإنجليزية ذَكَرَ أنّ لجمهورية الريف الأمازيغية نشيداً وطنياً، كما أن الوثائقيات التي شاهدتها والتقارير الفيديوية التي تحدثَت عن عبد الكريم الخطابي وجمهورية الريف الأمازيغية لم يذكر أي منها أن لهذه الدولة نشيداً وطنياً، وإنما الجميع أتى على ذكر عَلَمِ هذه الدولة وعملتها الوطنية والبعض تكلم بالتفصيل عنهما. كما أن هذه الأفلام والمقاطع الفيديوية لم تستخدم هذا النشيد في ثناياها، وحتى أشد المتحمّسين من المغاربة الأمازيغ والمطالبين بعودة جمهورية الريف لم يستخدموا هذا النشيد المزعوم !




علم وعملة جمهورية الريف مع صورة الخطابي 


2- لا أعتقد أنّ تأليفَ نشيدٍ وطني كان من أولويات جمهورية الريف التي كانت مؤلفة من تحالف قبائل أمازيغية وكانت همومها كثيرة منها هموم داخلية على صعيد الوحدة وإنشاء البنى الأساسية للدولة. ومنها هموم خارجية تتمثل في المحاولة المستميتة لانتزاع اعتراف الدول الكبرى بها وهو أمر لم يتحقق رغم الإصرار والإرادة. أضف إلى حالة اللاأمان والتهديد العسكري والأمني إذ أن جبهات هذه الدولة الفتية كانت في تماس مستمر ومعارك مع الجيش الإسباني طوال فترة نشأتها. ولاحقاً شارك الجيش الفرنسي بقوات كبيرة ولم يتمكن من إخضاعها لسيطرته إلا بعد استعمال الأسلحة الكيماوية.


3- لحنُ النشيد هو لحن غربي أو على مقاييس النشيد العسكري الأوروبي. وقد عُرفت جمهورية الريف باعتزازها بهويتها الإسلامية الشرقية الأمازيغية، وكان عبد الكريم الخطابي يفتخر دائماً بأنّ دولته هي الوحيدة التي لم تطأها أرجل الأوروبيين. فكيف بعد هذا الإعتزاز الوطني العالي بالهوية والإنتماء يقوم باعتماد نشيد على نظم إيقاعات المستعمر الأوروبي.؟


4- فات السيد الرحباني أنّ جمهورية الريف هي جمهورية أمازيغية الطابع رغم بعدها العروبي، وبالتالي فأي نشيد لها كان على الأرجح سينشد بهذه اللغة. وفي مواقع الإنترنت الأمازيغية القومية والتي تطالب بعودة جمهورية الريف وخاصة في الفيديوات التي يبثونها على اليوتيوب وغيره يستخدمون في دعوتهم نشيد القبائل الأمازيغية، الذي أعتقد هو أقرب أن يكون نشيداً لهذه الدولة من "نشيد بطل الريف".


5- تسرّع السيد غسان الرحباني وادّعى أن " نشيد بطل الريف" لُحِّنَ واعتمد عام 1924 استناداً إلى التاريخ المطبوع أسفل قصيدة الشاعر إبراهيم طوقان دون أن يفطن إلى أن هذا تاريخ كتابة القصيدة على عادة الشعراء، وأنّ الملاحظة المدونة أسفله بأنه تلحين محمد فليفل لا تربط بالضرورة وقت التلحين بهذا التاريخ، إذ أنّ محمد فليفل تعرّف إلى طوقان في هذه الفترة أو بعدها وكان نشيد "موطني" أوّلَ تعاون بينهما حسب تسجيل إذاعي لمحمد فليفل نفسه. (1)


6- ولكن هل هناك صلة بين النشيد الوطني اللبناني وقصيدة "نشيد بطل الريف أو عبد الكريم الخطابي"؟ الصلة موجودة لكن ليس بالطريقة الإنتقائية التي استعرضها تقرير قناة الجديد. لقد قام الأخوان محمد وأحمد فليفل بتلحين قصيدة "نشيد بطل الريف" ليقدماها هدية لعبد الكريم الخطابي. وعندما أعلنت مسابقة إختيار النشيد الوطني اللبناني عام 1927 طُلب من الأخوين فليفل وضع تفاعيل النشيد فاختارا وزن قصيدة نشيد بطل الريف لتكون المعيار. وقام الشعراء المتقدمون للمسابقة بنسج قصائدهم على إيقاعها ومنهم الشاعر رشيد نخلة وقد لحّن هذه القصيدة وقتها الأستاذ وديع صبرا و فازت بالمسابقة واعتمدت بأنها النشيد الوطني اللبناني.(2)


7- النشيد المزعوم لجمهورية الريف في الفيلم الوثائقي عن بن بركة، نوعية تسجيله لا تمت بصلة لفترة العشرينات أو الثلاثينات وإنما ترجع إلى الخمسينات على أقدم تقدير. واللقطات الموضوعة عليه هي من عام 1959 حسب الفيلم وتعود للملك المغربي وليس لجمهورية الريف. إذاً فتسجيل نشيد بطل الريف ليس أقدم من تسجيلات نشيدنا الوطني اللبناني ولا دليل هنا على الأسبقية. والأرجح أن كلمات "نشيد بطل الريف" أعيد وضعها في قالب شبيه بالنشيد الوطني اللبناني كون قالب النشيد اللبناني الموسيقي مناسب بسبب التقارب العروضي في الشكل والمبنى (3).

8- فاز لحن وديع صبرا بمسابقة النشيد الوطني عام 1927 وحل في المرتبة الثانية نشيد الأخوين فليفل. ووقتها كان الأخوان فليفل مشهورين بالأناشيد واطلاعهما الواسع على هذا العالم. وقد قدما اعتراضهما على نشيد وديع صبرا "كلنا للوطن" (4) ولكنها كانت كلها اعتراضات فنية لتحسين النشيد ومعانيه. ولم ينتقدا يومها بأن هذا اللحن مسروق أو مكرر ولو كان كذلك لكان من مصلحتهما، حيث كان سيعتمد نشيدهما بدلاً منه.

وفي النهاية فإن تقرير قناة الجديد أساء إلى تاريخ الأخوين فليفل وتكلّم عنهما بالمقاييس الأخلاقية السائدة في هذا العصر. ويبدو أن معدّته لم تكلّف نفسها عناء البحث والتقصي واكتفت بالقشور الملقاة هنا وهناك. ويكفي أنّ الأخوين فليفل كانا من بناة الشعور الوطني في هذا البلد وساهما في تأسيس هويته إلى جانب الرحابنة الكبار وعمر الزعني وزكي ناصيف وغيرهم. وسوف يذكر التاريخ كيف أنهما عملا على نشر وترسيخ هذا النشيد الوطني رغم أنه لم يكن من تلحينهما. وكيف أجبرا المستعمر الفرنسي على عزفه كل صباح في مدرسة حوض الولاية إلى جانب نشيد المرسلياز لينتشر بعدها على ألسن كل الناس:"كلنا للوطن".



الاخوان محمد وأحمد فليفل 



ملحن النشيد الوطني الأستاذ وديع صبرا 



هوامش

(1) ليس هناك تحديد لتاريخ تلحين نشيد موطني والأرجح أنه تم بين عامي 1924 و1929 أثناء دراسة طوقان في الجامعة الأميركية. والمصادر التي تشير إلى عامي 1930 و34 أو 36 إنما هي مخطئة كون طوقان لم يكن في مقيما في لبنان في تلك التواريخ. وبحسب رواية محمد فليفل الإذاعية فإنه يذكر أنه التقى بطوقان وهولا زال طالبا في الجامعة.

(2) تُراجع أطروحة العقيد جورج حرّو – الأخوان فليفل حياتهما وأعمالهما: النشيد نموذجاً. ص 60-62، جامعة الروح القدس – الكسليك.


(3) وهناك عدة سوابق جرت في بلاد المغرب تؤكد ذلك حيث حصل في الجزائر وتونس أن تبدلت أناشيد مشهورة بوضع كلمات جديدة لها مثل نشيد جزائرنا يا بلاد الجدود، ونشيد هوى وطني فوق كل هوى وهو نشيد للأخوين فليفل جرى تبديل كلماته.

(4) قدما اعتراضهما مرتين مرة إلى اللجنة ومرة إلى رئيس الجمهورية بشارة الخوري. وقد ذُكر أمر الإعتراض الخاص إلى اللجنة في أطروحة العقيد جورج حرو – الأخوان فليفل حياتهما وأعمالهما: النشيد نموذجاً. ص 69، جامعة الروح القدس – الكسليك.

* مصادر هذه المقالة: كتاب تحت الطبع عن الأخوين فليفل من تأليف محمد كريم – الموسوعة البريطانية – ويكيبيديا باللغة العربية والإنجليزية – أطروحة العقيد جورج حرو – فيلم وثائقي عن بطل الريف الخطابي من إنتاج قناة الجزيرة – تسجيلات صوتية للأخوين فليفل – صفحات عديدة متخصصة وغير متخصصة على الإنترنت – مقاطع فيديو متنوعة إخبارية ووثائقية من الإنترنت – مقابلات مع عائلة فليفل تم تسجيلها بغرض إنتاج وثائقي عن الأخوين فليفل.


خليل حنون
12-4-2011








هناك 10 تعليقات:

غير معرف يقول...

هالأيام وفي ظل التفاهه اللي منتشره هون بلبنان بظن ان من المناسب اللي تألفلنا وتغنيلنا وتلحنلنا النشيد الوطني هي الست هيفا وهبي ,, بس المشكل انو في ظل الطائفيه اللي منتشرة عنا بلبنان راح يصير خلفات بخصوص هالموضوع لانه راح يقولوا ليش هيفا اللي غنت النشيد مو نانسي بهيك راح يكون فيه عرق طائفي بالموضوع,
لك ياخرفان انتن خلص تركتو كل المشاكل والقرف اللي لبنان صار فيه وصرتوا تهتمو بس بالنشيد,, شعب تافه

Mohammed يقول...

يبدو أن عتب السيد غسان الرحباني على النشيد الوطني أنه لم يكن رحبانياً...

Niam يقول...

معك حق الأخ الذي علق قبلي، السيد غسان الرحباني من بين كل الأمور التي يمكن أن يلفت ويوجه نظر الناس لها اختار أن ينبش احتمالية أن يكون غير لبنانياً؟ وكمان صحيح آخر همنا ماذا يكون النشيد الوطني، مهم يكون الوطن زابط لو بدنا نغني كلن عندن سيارات بالمدرسة كل يوم الصبح بس نحس بالأمان والاستقرار...
عن جد ناس فايقة ورايقة. يعطيك العافية خليل على البحث كمان. منيح انو نعرف انو كل "تعبهم" راح سدى ! (يبدو انهم ما تعبوا كثير على كل حال!)

مواطن لبناني يقول...

حلوة التفاهة اذا كانت عن بحث خاص في ابناء البلد . ولكن الاضحوكة الاكثر اذا المعلق الاول تارك هم بلاده والثورة اللي يقوموا فيها الشرفاء وكل همو يراقب شو عمبصير بلبنان نصيحة احترم حالك ودور على مكان الك بالمظاهرة .

غير معرف يقول...

il me semble que Mr Ghassan El Rahbani veut prendre avantage de toute cette histoire et de tout ce scandale qu'il afait pour faire un nouveau hymne national sous le nom RAHBNI mais heureusement que ca va etre vraiment impossible shame on you ghassan rahbani u really dont deserve to be lebanese you wanna take advantage of this for personal issues shame on you shame on you shame on youuuuuuuuuuuuuu

A. janbein يقول...

why attack rahbani? true or not.. original or not.. it was worth an investigation and that is what he asked for...

la shame on you w la chi... personally i dont like him bass kamen take it easy.. ma badda hal2ad

btw, who is the author of this post?

A. janbein يقول...

نبشو المريخ ونحنا بعدنا عم نفتش مين لحن الدلعونا

Ibn Rushd يقول...

نرجو من السيد حنون ان يوضح النقطة رقم 6:
تذكر بان الأخوين محمد وأحمد فليفل قاما بتلحين قصيدة "نشيد بطل الريف" ليقدماها هدية لعبد الكريم الخطابي. ثم تذكر بان الاستاذ وديع صبرا لحن قصيدة الشاعر رشيد نخلة لتصبح النشيد الوطني اللبناني.
ما دام هنالك تشابه واضح بين اللحنين، لماذا لم يعترض الأخوين فليفل على استنساخ لحنهما؟
و شكراً

غير معرف يقول...

shouldn't be there a document showing the musical notes of the melody done by M. Mohamad Fleifel, signed and dated in 1924, just like the poem
???(I am not a music expert, but I think it is obvious)

supposing that the document M. Ghassan Rahbani is showing is correct and it should be, who said that the melody done in 1924 by M. Mohamad Fleifel was the lebanese national hymn's melody, he could done a totally different melody, the document doesn't even mention anything about the melody, where is the musical notes
???

The melody in the TV documentary is not a proof at all. it was registered after the lebanese national hymn, and it can be a mix of the lebanese national hymn's melody with the other hymn's poem


how could M. Ghassan Rahbani without having strong evidences, open a case at the level of the nation like falsifying the national hymn, to the media, which is touching Lebanon's sovereignty and touching every lebanese dignity. shouldn't he be pursued for that
???
 Can anybody goes on the TV with some paper in hand, and say anything dangerous like attempting to the identity of a nation by invoking the falsifying of the national hymn and the theft of the national hymn's melody by one or another (M. Wadih Sabra and M. Mohamad Fleifel), without being pursued
???

My personal opinion is that M. Ghassan Rahbani when he knew about this, was very exited about having the opotunity to have the Rahbani's Family name on a new lebanese national hymn, that he jumped on the opportunity and went out on the TV, without thinking that he is going to hurt every single lebanese with these proposals

If the story was true or not, he should do a deeper analysis before going out like that and let the tribunal have his world on this

You can't destroy in minutes what Rahbani's Family hardly and seriously built during decades

Shame

غير معرف يقول...

inna nachid lwatani lobnani fi3lan mo9tabas min nachid jomhoriyat RIF